Thursday, April 16, 2015

" رسالة عمًان " حول التكفير والمذاهب الثمانية والفتاوى

بسم الله الرحمن الرحيم .. 

بيان الدورة السابعة عشر لمجمع الفه الاسلامى فى عمًان ( رسالة عمًان ) حول التكفير والمذاهب الثمانية والفتاوى 

(1) إنّ كل من يتّبع أحد المذاهب الأربعة من أهل السنّة والجماعة (الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي) والمذهب الجعفري، والمذهب الزيدي، والمذهب الإباضي، والمذهب الظاهري، فهو مسلم، ولا يجوز تكفيره. ويحرم دمه وعرضه وماله. وأيضاً، ووفقاً لما جاء في فتوى  فضيلة شيخ الأزهر،  لا يجوز تكفير أصحاب العقيدة الأشعريّة، ومن يمارس التصوّف الحقيقي. وكذلك لا يجوز تكفير أصحاب الفكر السلفي الصحيح.

كما لا يجـــوز تكفير أيّ فئة مـن المسلمين تؤمــن بالله سبحانه وتعالى وبرسوله صلى الله عليه وسلم وأركان الإيمان، و أركان الإسلام، ولا تنكر معلوماً من الدين بالضرورة.

(2) إنّ ما يجمع بين المذاهب أكثر بكثير ممّا بينها من الاختلاف. فأصحاب المذاهب الثمانية  متفقون على المبادىء الأساسيّة للإسلام. فكلّهم يؤمن بالله سبحانه وتعالى، واحداً أحداً، وبأنّ القرآن الكريم كلام الله المنزَّل المحفوظ من الله سبحانه والمصون عن التحريف، وبسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام نبي للبشرية كافّة. وكلهم متفق على أركان الإسلام الخمسة: الشهادتين، والصلاة، والزكاة، وصوم رمضان، وحجّ البيت، وعلى أركان الإيمان: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشرّه. واختلاف العلماء من أتباع المذاهب هو اختلاف في الفروع و بعض  الأصول، وهو رحمة. وقديماً قيل: إنّ اختلاف العلماء في الرأي  رحمة.

(3) إنّ الاعتراف بالمذاهب في الإسلام يعني الالتزام بمنهجية معينة في الفتاوى: فلا يجوز لأحد أن يتصدّى للإفتاء دون مؤهّلات علمية معينة، ولا يجوز الإفتاء دون التقيّد بمنهجية المذاهب، ولا يجوز لأحد أن يدّعي الاجتهاد ويستحدث رأياً جديداً أو يقدّم فتاوى مرفوضة تخرج المسلمين عن قواعد الشريعة وثوابتها وما استقرَّ من مذاهبها.

(4) إنّ لُبّ موضوع رسالة عمّان التي صدرت في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك من عام 1425 للهجرة وقُرئت في مسجد الهاشميين، هو الالتزام بالمذاهب وبمنهجيتها؛ فالاعتراف بالمذاهب والتأكيد على الحوار والالتقاء بينها هو الذي يضمن الاعتدال والوسطية، والتسامح والرحمة، ومحاورة الآخرين.

(5) إننا ندعو إلى نبذ الخلاف بين المسلمين وإلى توحيد كلمتهم، ومواقفهم، وإلى التأكيد على احترام بعضهم لبعض، وإلى تعزيز التضامن بين شعوبهم ودولهم، وإلى تقوية روابط الأخوّة التي تجمعهم على التحابّ في الله، وألاّ يتركوا مجالاً للفتنة وللتدخّل بينهم.

  فالله سبحانه يقول :

{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيــْكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }   (الحجرات: 10).

والحمد لله وحده.


Tuesday, April 14, 2015

المعتزلة والاحاديث النبوية

عُرف عن #المعتزلة عدم الاهتمام بالحديث النبوى وروايته والاخذ به ، ولكن لا يجب الاخذ بهذا الرأى على علاته لخطئه البائن .. فالمعتزلة لم ينكروا الحديث جملة .. بل اننا نراهم يتخذون منه فى كثير من الاحيان أداة للرد على الخصوم ، ووسيلة لدفع أقوالهم وإثبات ما يذهبون اليه ، ووسيلة لدفع اقوالهم إثبات ما يذهبون إليه .. وان كان التَحَوط وإعمال العَقل وتمحيص الاحاديث هو الغالب على موقفهم منها .. 

وهناك ما يُذكر عن رواية كثير من اهل الاعتزال للحديث وحفظه كما اورد القاضى عبد الجبار فى كتاب \ طبقات المعتزلة .. مثل  ابى الحسين الخياط - وأبى الحسن الإسفنديانى - وأبى مجالد بن احمد البغدادى .. وهذا الاخير كان يحفظ مائة الف حديث ، وقد كان يتردد عليه جماعة من اصحاب الحديث ببغداد ويسألونه ان يحدثهم فى الدقائق ، فأملى عليهم من حِفظه خمسة الاف حديث نبوى ..

فالمعتزلة كما يقول القاضى عبد الجبار ترى ان " قول الرسول حُجة " ولكن مع التأكد من صحة المتن - السند .. فهم يرحبون بالحديث الصحيح ويأخذون بنصوصه ويروونه ، وقد وصل الامر ببعضهم الى ان يضع شرحاً لمُسند احد كبار شيوخ الحديث وهو ما فعله ابو على الجبائى ، فقد أورد النجرى فى كتاب \ شرح الأزهار ان لابى على الجبائى شرحا على مسند ابن ابى شيبة .. وهذا الامر له دلالة هامة تكمن فى ان موقف المعتزلة من اهل الحديث لم يكن موقف الرفض التام ، بقدر ما هو موقف الناقد الحريص على سلامة الاثر النبوى من ان يعبث به العابثون .. 

فالمعتزلة قد اهتموا بالحديث النبوى وعنوا به رواية وشرحاً ، فأعلامهم الأول الذين اشتغلوا بالرواية للقصص والسيرة والتاريخ رووا الحديث كذلك ، فأنهم لم يهملوا الحديث ، وإن لم يشتهروا بصناعته شهرة اصحاب الحديث .. فالقاضى عبد الجبار يقول فى كتاب \ طبقات المعتزلة - " واما ظن من يظن فى اصحابنا انهم ليسوا من اهل الحديث فليس كما قاله ، وذلك كظن بعضهم انهم ليسوا من اهل الفقه ،وانما اتى هذا القائل من اجل انهم لم يشهروا انفسهم بالفقه ، وتوفروا على ما هو اجدى فى الدين من ذلك ، كذلك القول فى طلبهم للحديث " .. 

كان الدافع وراء موقف المعتزلة من الحديث هو انهم حين بحثوا فى القضايا الخلافية فى التراث الاسلامى ، وجدوا استعانة الفرق المختلفة بالاحاديث المتعارضة والمتناقضة المروية بالأسانيد المعتمدة فى كل قضية من هذه القضايا ، وخاصة قضية الامامة ، فهناك الاحاديث التى تفضل ابا بكر على جميع الصحابة ، وتلك التى تفضل علياً عليهم ، واحاديث تفضل عليهم عمر بن الخطاب ، وهناك الاحاديث التى تفضل العرب ، وتلك التى تفضل الفرس ، وهناك الاحاديث التى تمدح المدن والاقاليم سواء ما فتح منها على عهد النبى فى شبه الجزية العربية ام لم يتم فتحه الا بعد وفاته ، وهناك احاديث الوصية والنص فى الامامة بعضها ينص على على بن ابى طالب وبعضها ينص على ابى بكر وبعضها ينص على العباس بن ابى طالب .. فقد رأى المعتزلة فى هذا الصدد الكثير من الاحاديث الموضوعة والمنحولة والتى نُسيت زوراً وبهتاناً لرسول الله صل الله عليه وسلم ، ولتأكيد رأيهم فقد رووا عن شُعبة وهو الذى يقال انه امير المؤمنين فى الحديث انه قال : " ما انا من شئ اخوف منى ان يدخلنى النار من الحديث ،  لا تكاد تجد احد فتش فى هذا الحديث تفتيشى ، وقد نظرت فيه فوجدت لا يصح منه الثلث ".. ولهذا فقد وضع المعتزلة ضوابط للاخذ بالحديث النبوى وهى : 

1 - عدم الاغترار بأسماء رجال السَنَد ورواة الحديث ، فالعبرة بحكم العقل  على هذا النص المروى لا بالهالات التى احاطت بالرواة فقد يتحد حديثان فى رجل السَند المروى ، ولكن العقل يقبل احدهما ويصححه ، بينما يرفض الثانى ويطرحه

2 - عرض الاحاديث على الكتاب ، فما وافق القرآن قبلناه ، وما خالفه وخالف السُنة العملية رفضناه ، ويروون فى ذلك عن النبى قوله : "  سيأتيكم عند حديث مختلف فما وافق كتاب الله تعالى وسُنتى فهو منى ، وما كان مخالفاً لدلك فليس منى " - الحديث رواه البخارى - والترمذى .. كما يروون قول الرسول " سيفشوا الكذب من بعدى ، فما جاءكم من الحديث فاعرضوه على كتاب الله " - رسائل الجاحظ - الترمذى - ابن ماجة

3 - يجب التمييز بين الاحاديث التى موضوعها العقائد والدين وتلك التى موضوعها السُنة العملية ، فيجب رفض الاستدلال باحاديث الاحاد على امور الدين والعقائد ، ويُقبل الاستدلال بها فى العمليات " لأن ما طريقه الدين لا يجب قبول خبر الواحد فيه اصلا " كما يقول القاضى عبد الجبار \ طبقات المعتزلة ..

4 - يجب معرفة الملابسات التى قيل فيها الحديث ، والظروف التى قيل لاجلها ، فالراوى قد يصدق فى الرواية ، ولكنه لا يضع الحديث فى موضعه ، لان كتب الحديث قد صنفت الاحاديث تصنيفا موضوعياً ، ولم تهتم فى الغالب بما يقابل اسباب النزول فى القرآن وهى اسباب قول الحديث وظروف التحدث به ، ويروى القاضى عبد الجبار عن عروة بن الزبير قوله فى أبى هريرة : " وهو يحدث الحديث الكثير - صدق وكذب - فقيل له ما المراد بذلك ؟ - فقال اما ان يكون سمع بذلك من النبى فلا شك فيه ، ولكن منها ما وضعه على موضعه ومها ما لم يضعه فى موضعه " ...

# الفكر السياسى عند المعتزلة - الدكتور نجاح محسن 
# طبقات المعتزلة - فضل الاعتزال - القاضى عبد الجبار

 https://twitter.com/zoooska