العقائد الأساسية فى الإسلام
العقائد الاساسية التى طلب الإسلام الإيمان بها ، وكانت العنصر الأول من عناصره وهى :
* اولا : وجود الله ووحدانيته ، وتفرده بالخلق التدبير والتصرف ، وتنزهه عن المشاركة فى العزة والسلطان ، والمماثلة فى الذات والصفات ، وتفرده بإستحقاق العبادة والتقديس والإتجاه اليه بالإستعانة والخضوع ، فلا خالق غيره ولا مدبر غيره ، ولا يماثله مما سواه شئ ، ولا يشاركه فى سلطانه وعزته شئ ، ولا تخضع القلوب وتتجه الى شئ سواه " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد " .. " قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ ۗ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ۖ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ " .. " قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) "
* ثانيا : أن الله يصطفى من عباده من يشاء ، ويحمله رسالته - عن طريق ملائكته ووحيه الى خلقه ، ثم يبعثهم اليهم رسولا ويدعوهم الى الايمان والعمل الصالح .
* ثالثا : الإيمان بالملائكة " سفراء الوحى بين الله ورسله " وبالكتب " رسالات لله الى خلقه "
* رابعا : الإيمان بما تضمنته هذه الرسالات من يوم البعث والجزاء " الدار الآخرة " ومن اصول الشرائع والنظم التى ارتضاها الله لعباده ، مما يناسب استعدادهم ، وتقضى به مصالحهم ، على الوجه الذي يكونون به مظهرا حقا لعدله ورحمته وجلاله وحكمته
وقد جعل الإسلام عنوان تحقق هذه العقائد عند الانسان الشهادة بأن الله واحد ، وأن محمد رسوله " اشهد ان لا إله إلا الله واشهد أن محمد رسول الله " وكانت هذه الشهادة هى المفتاح الذى يدخل به الانسان فى الاسلام ، وتجرى عليه احكامه ، فالشهادة بوحدانية الله تتضمن كمال العقيدة فى الله من جهتى الربوبية " الخلق والتربية " والألوهية " العبادة "والشهادة برسالة محمد تتضمن التصديق بكمال العقيدة فى الملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر وأصول الشريعة والاحكام " آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ "
وعليه .. فمن لم يؤمن بوجود الله ، او لم يؤمن بوحدانيته وتنزهه عن المشابهة والحلول والاتحاد او لم يؤمن بتفرده بتدبير الكون والتصرف فيه ، واستحقاق العبادة والتقديس ، واستباح عبادة مخلوق ما من المخلوقات ، ، او لم يؤمن بأن لله رسالات الى خلقه بعث بها الى رسله ، وانزل بها كتبه عن طريق ملائكته ، او لم يؤمن بما تضمنته الكتب من الرسل ، أو فرق بين الرسل الذين قص علينا فآمن بالبعض وكفر بالبعض ، او لم يؤمن بأن الحياة الدنيا تفنى ويعقبها دار اخرى هى دار الجزاء والحياة الابدية ، بل اعتقد ان الحياة الدنيا حياة دائمة لا تنقطع ، او اعتقد انها تفنى فناء دائما لا بعث بعده ، ولا حساب ولا جزاء ، او لم يؤمن بأن اصول شرع الله فى ما حرم وفى ما اوجب ، هى دينه الذى يجب ان يتبع ، فحرم من تلقاء نفسه ما رأى تحريمه ، واوجب من تلقاء نفسه ما راى وجوبه .. من لم يؤمن بجانب من هذه الجوانب أو حلقة من هذه الحلقات لا يكون مسلما ، ولا تجرى عليه احكام المسلمين فى ما بينهم وبين الله ، وفى ما بينهم وبين بعضهم ، وليس معنى هذا ان من لم يؤمن بشئ من ذلك يكون كافرا عند الله ، يخلد فى النار ، وانما معناه انه لا تجرى عليه فى الدنيا احكام الاسلام ، فلا يطالب بما فرضه الله على المسلمين من العبادات ، ولا يمنع مما حرمه الاسلام كشرب الخمر واكل الخنزير والاتجار بهما ، ولا يغسله المسلمون اذا مات ولا يصلون عليه ، ولا يرثه قريبه المسلم فى ماله كما لا يرث هو قريبه المسلم اذا مات ..
اما الحكم بكفره عند الله فهو يتوقف على أن يكون انكاره لتلك العقائد او لشئ منها بعد ان بلغته على وجهها الصحيح ، واقتنع بها فى ما بينه وبين نفسه ، ولكنه أبى ان يعتنقها ويشهد بها عنادا واستكبارا ، او طمعا فى مال زائل او جاه زائف ، او خوفا من لوم فاسد .. فإذا لم تبلغه تلك العقائد ، او بلغته بصورة منفرة او حتى بصورة صحيحة ولم يكن من اهل النظر ، او كان من اهل النظر لكن لم يوفق اليها ، وظل ينظر ويفكر طلبا للحق ، حتى ادركه الموت اثناء نظره - فإنه لا يكون كافرا يستحق الخلود فى النار عند الله ..
ومن هنا كانت الشعوب النائية التى لم تصل اليها عقيدة الاسلام او وصلت اليها بصورة منفرة ، او لم يفقهوا حجته مع اجتهادهم فى بحثها ، بمنجاة من العقاب الاخروى للكافرين ، ولا يطلق عليهم اسم الكفر ، والشرك الذى جاء فى القرآن هو الشرك الناشئ عن العناد والاستكبار ، الذى قال الله فى اصحابه " وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ۚ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ "