Tuesday, December 27, 2016

. الحد الفاصل بين الكفر والايمان وتعريف الإيمان / الكفر

العقائد الأساسية فى الإسلام


العقائد الاساسية التى طلب الإسلام الإيمان بها ، وكانت العنصر الأول من عناصره وهى :


* اولا : وجود الله ووحدانيته ، وتفرده بالخلق التدبير والتصرف ، وتنزهه عن المشاركة فى العزة والسلطان ، والمماثلة فى الذات والصفات ، وتفرده بإستحقاق العبادة والتقديس والإتجاه اليه بالإستعانة والخضوع ، فلا خالق غيره ولا مدبر غيره ، ولا يماثله مما سواه شئ ، ولا يشاركه فى سلطانه وعزته شئ ، ولا تخضع القلوب وتتجه الى شئ سواه " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد " .. " قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ ۗ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ۖ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ " .. " قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) "


* ثانيا : أن الله يصطفى من عباده من يشاء ، ويحمله رسالته - عن طريق ملائكته ووحيه الى خلقه ، ثم يبعثهم اليهم رسولا ويدعوهم الى الايمان والعمل الصالح .


* ثالثا : الإيمان بالملائكة " سفراء الوحى بين الله ورسله " وبالكتب " رسالات لله الى خلقه " 

* رابعا : الإيمان بما تضمنته هذه الرسالات من يوم البعث والجزاء " الدار الآخرة " ومن اصول الشرائع والنظم التى ارتضاها الله لعباده ، مما يناسب استعدادهم ، وتقضى به مصالحهم ، على الوجه الذي يكونون به مظهرا حقا لعدله ورحمته وجلاله وحكمته 



وقد جعل الإسلام عنوان تحقق هذه العقائد عند الانسان الشهادة بأن الله واحد ، وأن محمد رسوله " اشهد ان لا إله إلا الله واشهد أن محمد رسول الله " وكانت هذه الشهادة هى المفتاح الذى يدخل به الانسان فى الاسلام ، وتجرى عليه احكامه ، فالشهادة بوحدانية الله تتضمن كمال العقيدة فى الله من جهتى الربوبية " الخلق والتربية " والألوهية " العبادة "والشهادة برسالة محمد تتضمن التصديق بكمال العقيدة فى الملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر وأصول الشريعة والاحكام " آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ "


وعليه .. فمن لم يؤمن بوجود الله ، او لم يؤمن بوحدانيته وتنزهه عن المشابهة والحلول والاتحاد او لم يؤمن بتفرده بتدبير الكون والتصرف فيه ، واستحقاق العبادة والتقديس ، واستباح عبادة مخلوق ما من المخلوقات ، ، او لم يؤمن بأن لله رسالات الى خلقه بعث بها الى رسله ، وانزل بها كتبه عن طريق ملائكته ، او لم يؤمن بما تضمنته الكتب من الرسل ، أو فرق بين الرسل الذين قص علينا فآمن بالبعض وكفر بالبعض ، او لم يؤمن بأن الحياة الدنيا تفنى ويعقبها دار اخرى هى دار الجزاء والحياة الابدية ، بل اعتقد ان الحياة الدنيا حياة دائمة لا تنقطع ، او اعتقد انها تفنى فناء دائما لا بعث بعده ، ولا حساب ولا جزاء ، او لم يؤمن بأن اصول شرع الله فى ما حرم وفى ما اوجب ، هى دينه الذى يجب ان يتبع ، فحرم من تلقاء نفسه ما رأى تحريمه ، واوجب من تلقاء نفسه ما راى وجوبه .. من لم يؤمن بجانب من هذه الجوانب أو حلقة من هذه الحلقات لا يكون مسلما ، ولا تجرى عليه احكام المسلمين فى ما بينهم وبين الله ، وفى ما بينهم وبين بعضهم ، وليس معنى هذا ان من لم يؤمن بشئ من ذلك يكون كافرا عند الله ، يخلد فى النار ، وانما معناه انه لا تجرى عليه فى الدنيا احكام الاسلام ، فلا يطالب بما فرضه الله على المسلمين من العبادات ، ولا يمنع مما حرمه الاسلام كشرب الخمر واكل الخنزير والاتجار بهما ، ولا يغسله المسلمون اذا مات ولا يصلون عليه ، ولا يرثه قريبه المسلم فى ماله كما لا يرث هو قريبه المسلم اذا مات ..


اما الحكم بكفره عند الله فهو يتوقف على أن يكون انكاره لتلك العقائد او لشئ منها بعد ان بلغته على وجهها الصحيح ، واقتنع بها فى ما بينه وبين نفسه ، ولكنه أبى ان يعتنقها ويشهد بها عنادا واستكبارا ، او طمعا فى مال زائل او جاه زائف ، او خوفا من لوم فاسد .. فإذا لم تبلغه تلك العقائد ، او بلغته بصورة منفرة او حتى بصورة صحيحة ولم يكن من اهل النظر ، او كان من اهل النظر لكن لم يوفق اليها ، وظل ينظر ويفكر طلبا للحق ، حتى ادركه الموت اثناء نظره - فإنه لا يكون كافرا يستحق الخلود فى النار عند الله ..


ومن هنا كانت الشعوب النائية التى لم تصل اليها عقيدة الاسلام او وصلت اليها بصورة منفرة ، او لم يفقهوا حجته مع اجتهادهم فى بحثها ، بمنجاة من العقاب الاخروى للكافرين ، ولا يطلق عليهم اسم الكفر ، والشرك الذى جاء فى القرآن هو الشرك الناشئ عن العناد والاستكبار ، الذى قال الله فى اصحابه " وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ۚ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ "

Sunday, November 27, 2016

جيش عبيد البخاري ودورهم في تأسيس الدولة المغربية / انكشارية المغرب



“أنا وأنتم عبيد لسنة رسول الله وشرعه المجموع فى هذا الكتاب (صحيح البخارى) فكل ما أمر به نفعله، وكل ما نهى عنه نتركه، وعليه نقاتل”
السلطان مولاي إسماعيل بن الشريف العلوي

قوة عسكرية تركت بصمة واضحة في تاريخ المغرب العربي العسكري والسياسي منذ القرن السابع عشر الميلادي وهى (جيش عبيد البخاري) او انكشارية المغرب!

يعود تأسيس جيش البخارى الى الدولة العلوية الشريفة (الفيلاليين) وتحديدا في عهد ثاني سلاطينها (مولاي اسماعيل بن الشريف العلوى) الذي حكم المغرب في الفترة من عام 1672-1727م، والذى تولى العرش المغربي بعد وفاة اخيه السلطان (مولاي رشيد بن علي الشريف)، وأسس اول حرس ملكى فى الدولة المغربية، وكان مولاى اسماعيل قد اراد تكوين جيش محترف يكون ولاءه الاول والاخير للسلطان فقط بإعتبار ان الجيش النظامى وقتها فى المغرب كان يعانى من الولاءات القبلية، بالاضافة الى انبهار مولاى اسماعيل الشديد بتجربة الجيش الانكشارى التابع للسلطان فى الدولة العثمانية وبجيش المماليك في مصر، وايضا بوجود تجربة سابقة قد حدثت فى المغرب نفسها وهى تجربة (الحرس الاسود) الملكى والذى كان قد تأسس من العبيد الافارقة على يد السلطان المغربى (احمد المنصور الذهبي) بعد غزو مالى والنيجر، وكان صديق السلطان وكاتبه (عمر المراكشي) والمعروف بإسم “عليليش” والذى ايضا كان والده كاتبا للسلطان المنصور على علم بهذه التجربة السابقة، ويمتلك سجلات بها جميع اسماء واماكن وجود الجنود الذين كانوا يشكلون قوة الحرس الاسود سابقا.

فطلب منه مولاى اسماعيل جمع ما تبقى من القادرين منهم، ولكون الاغلبية الساحقة كانت عبيدا فقد امر السلطان القبائل المغربية بتسليم من كان من نسل هؤلاء العبيد الى الدولة، وهكذا استطاع عمر المراكشى جمع حوالى ثلاثة الاف عبد من قبائل تامسنا ودكالة وبلاد الهبط وقبائل بنى حسن رغم صعوبة الامر وما لاقاه من مشاكل، كما اضيف اليهم (الحراطين) الذين جلبهم مولاي اسماعيل خلال حملاته على بلاد شنقيط (موريتانيا)، وقد قدر عددهم بحوالى الفين من العبيد، بالاضافة الى ان القوافل التجارية التى كانت تأتي من بلاد السودان “غرب أفريقيا” عبر المغرب تجلب معها العديد من العبيد.
تم تقسيم الجيش الى ثلاثة اقسام :
*العبيدخالصي الرقبة: وهم العبيد الذين وجدوا فى دفتر عمر بن قاسم المراكشى (بقايا الحرس الاسود) واشترتهم الدولة من اصحابهم.
.العبيد الاحرار: وهم الذين حرروا وتم ادماجهم فى الجندية ادراجاً اجباريا *
*العبيد الاحرار خالصي الحرية: وقد اختير هؤلاء للونهم .. وكان منهم عدد من الافارقة الذين يسكنون المغرب ولا عصبية داخلية لهم ولا يتميزون بنزعة اقليمية.

هكذا تم تأسيس الجيش بحوالى 14 الف مقاتل بعد ان نجحت الدولة فى جمع عدد كبير من العبيد والاماء، وقد وصل عدد عبيد البخارى الى حوالى 150 الف عبد فى منتصف القرن الثامن عشر الميلادي.

خضعت قوة هذا الجيش الى تنظيم محكم بما يشبه الاكاديميات العسكرية الحديثة المتخصصة فى انتاج العسكر وتربيتهم تربية عسكرية محضة للانخراط مباشرة فى الجيش عبر عدة مراحل تدريبية طويلة على مدار 6 سنوات من التدريب على الاسلحة والفنون القتالية المختلفة.
يرجع سبب تسميتهم بجيش البخارى الى ان السلطان مولاى اسماعيل جعل صحبة الفقهاء والمحدثين القريبين منه تجتمع مع جنود الجيش الجديد ويقسمون الولاء على صحيح البخاري، بل ان السلطان امرهم ان يحملوا صحيح البخارى فى تابوت يضعونه امامهم فى جميع حروبهم، وفى فترات لاحقة تم تأسيس اسطول بحرى لهذا الجيش امرهم السلطان ان يضعوا نسخ مصغرة من صحيح البخاري مع اعلام السفن.

كالعادة حدث من جيش عبيد البخارى نفس ما حدث من الانكشارية العثمانية بعد فترة من الزمن منذ ان باتت لهم المكانة الابرز واليد الطولى داخل اروقة الدولة، ومع تعاظم دورهم في استتاب الامن وتصديهم للقلاقل داخل الدولة القبلية والاعتماد عليهم اعتمادا شبه كلى فى الحروب الخارجية، وبعد وفاة السلطان مولاى اسماعيل وانتقال السلطة الى نجله الملقب بالذهبى بدأوا بالتدخل فى ادارة الدولة وشؤونها، وقد فشل الذهبى رغم اغداقه الاموال والعطايا عليهم فى السيطرة عليهم والتصدى لقوتهم الى ان عزلوه فى النهاية وانقلبوا عليه، وولوا مكانه اخاه عبد الملك والذى حاول تقليل نفوذهم وتقليل العطايا الممنوحة لهم لينقلبوا عليه هو الاخر ويعزلوه ويُطرد من مكناس العاصمة الى مدينة فاس، ويعيدوا الذهبى مرة اخرى الى الحكم، وبعد وفاة الذهبى واخذ البيعة لاخيه عبد الله استمرت الامور كما هى عليه من خروجهم عن السيطرة وعدم قدرة الحاكم عل تقليل العطايا حتى اوشكت خزينة الدولة على النفاذ، ومع تمردهم اطلق جيش البخارى يده فى الاستيلاء على اراضى الدولة ومنازل الاهالى وطردهم منها، ثم استمر تمردهم بعزل عبد الله والاتيان بأخيه زين العابدين، ثم عزلوه بعد فترة هو الاخر، وتمت البيعة للمستضئ واستمرت الامور على ما هى عليه من سيطرتهم على مقاليد الدولة وعزل السلاطين وتعيينهم حتى تولى مقاليد الحكم (محمد الثالث) بن عبد الله بن اسماعيل، والذى لم يجد حلا للتخلص من نفوذ الجيش البخاري الا بالخروج من العاصمة مكناس الى مراكش، ومحاولة السيطرة عليهم بالتدريج، واستطاع بمرور الوقت تجريد البخاريين من اسلحتهم ونفوذهم، وتسريح اغلبهم والابقاء على بعض كتائبهم.
بعد تاريخي ما زالت ظلاله باقية حتى يومنا الحاضر، إذ ما زالت بعض كتائبهم موجودة، ويشكلون قوة الحرس الملكى المغربى منذ اطلق عليه الملك الراحل محمد الخامس هذا الاسم

https://twitter.com/zoooska

بلقيس جاهان .. السلطانة رضية سلطانة دلهي





“عمدة النساء وملكة الزمان بلقيس جاهان رضية الدين والدنيا التى قتلها العشق” ..
القرن السادس الهجري .. الدولة الغزنوية وسلالة الأمير محمود بن سبكتكين التى حكمت بلاد الغور وأفغانستان وشمال الهند ..
تبدأ القصة فى وقت حكم السلطان ( محمد بن سام الغورى ) بعد تغلبه على سلالة محمود بن سبكتكين وسيطرته على بلاد الهند وما حولها ، واستعانته فى توطيد ملكه بالمماليك الاتراك الذى كان يشتريهم، ويعتنى بتربيتهم ويوليهم جل اهتمامه، وكان يتعهد بالمناصب القيادية داخل الدولة لمن يلمس فيه التفوق والنبوغ العسكرى والسياسى منهم ..
وكان احد هؤلاء النوابغ هو المملوك التركى ( قطب الدين ايبك ) الذى صعد نجمه سريعا داخل اروقة الدولة وولاه محمود الغزنوى قيادة الجيوش التى قادها لفتح دلهى عام 584 كما ذكر الرحالة المغربى ابن بطوط من انه قد تم تدوين هذا الفتح على محراب الجامع الكبير بدلهى، وقد كافأه محمد الغورى بتعيينه حاكما على دلهى … فى نفس ذلك الوقت كان احد المماليك التابعين لقطب الدين ايبك ( شمش الدين ايلتوميتش ) يظهر على الساحة لتفوقه العسكرى، مما جعل قطب الدين ايبك يوليه اهتمامه وعنايته الخاصة ومحبته لدرجه انه زوجه من ابنته وولاه قيادة بعض الولايات التابعة له ..
عام 603 اغتيل السلطان محمد الغورى ولم يكن له اى وريث، فتولى قطب الدين ايبك حكم البلاد واصبح اول الحكام المؤسسين لدولة سلاطين المماليك فى الهند ، لكنه توفى فى نفس السنة التى تولى فيها الحكم فورثه ابنه آرام شاه فى حكم البلاد، ولكن لاسباب كثيرة لم يكن آرام شاه مقبولا من حاشية القصر وغير مؤهل او قادر على ادارة حكم البلاد، فثار عليه مماليك ابيه الراحل بقيادة شمس الدين ايلتوميتش، وتم عزله وتولية شمس الدين مقاليد الحكم فى دلهى عام 614 والذى واجهته العديد من المشاكل عند توليه الحكم اهمها كيفية الحصول على الشرعية للحكم، خصوصا انه كان مملوكا والديموقراطية الاسلامية لها حدودها والتى لا تجيز اعتلاء العبد المملوك لسدة الحكم ، فكان لزاما عليه لكى يصبح اميرا او سلطانا للبلاد ان يؤمن تحرير رقبته من ارادة سيده ، وكان هذا ما طلبه منه علماء وفقهاء دلهى عندما اجتمعوا به ورفضوا توليه للحكم ..
ويحكى ابن بطوطة انه فى هذا الاجتماع اخرج لهم شمس الدين الوثيقة التى تثبت تحرره من الرق على يد قطب الدين ومختومه بختمه ، عندئذ لم تواجهه اى عقبات فى اقناع الفقهاء الذين قدموا له فروض الطاعة والولاء ولم يتبق وقتها لشمس الدين الا الحصول على الشرعية الدينية متمثلة فى رضا الخليفة العباسى ( المستنصربالله ) الامر الذى لم يكن مستحيلا خصوصا ان شمس الدين كان من الطائفة السنية ،فأرسل شمس الدين الى المستنصر خليفة بغداد طلبا للاعتراف به كسلطان على دلهى وحاكما لها ، فأجابه المستنصر بإرسال وفد عباسى الى دلهى ويتم تكريس شمس الدين رسميا كسلطان للهند ، والذى رد عليه شمس الدين بسك النقود بالصيغة التاليه “ناصر امير المؤمنين الخليفة العباسى”، مبينا ولاءه للخليفة العباسى فى بغداد ، الامر الذى عرضه لمحاولة اغتيال من احد الطوائف الشيعية الاسماعيلية الذين حاولوا قتله عندما كان يؤم الصلاة بالمسجد الكبير بدلهى ..
حكم شمس الدين دلهى لمدة 26 عاما احبه الشعب وكان عادلا فاضلا ونصيرا للمظلومين، وكان قد وضع نظاما للمظالم وهو ان يلبس كل مظلوما ثوبا ملونا ( وكان الزى السائد لاهل دلهى هو الابيض ) حتى يراه شمس الدين اثناء مروره فيعرف انه له شكاية او انه مظلوم فينظر فى قضيته ويرد له مظلمته ، وقد امر بوضع اسدين من الرخام على باب قصره بينهم سلسلة لها جرس حتى يأتى المظلوم فى اى وقت ويحرك الجرس فيسمعه شمس الدين ويخرج له ، وهذا النظام هو ما نفع فى ما بعد ابنته رضية واستخدمته ضد اخيها ركن الدين فيروز .. يقول ابن بطوطة ” ومن مآثر شمس الدين انه اشتد فى رد المظالم وانصاف المظلومين، وامر ان يلبس كل مظلوم ثوبا مصبوغا واهل الهند جميعا يلبسون البياض ، ، فكان متى قعد للناس او ركب فرأى احد عليه ثوب مصبوغ نظر فى قضيته وانصفه ممن ظلمه ، ثم انه اعيا فى ذلك فقال : ان بعض الناس تجرى عليهم المظالم فى الليل واريد تعجيل انصافهم، فجعل على باب قصره اسدين من الرخام موضوعين على برجين هناك ، وفى اعناقهما سلسلتان من الحديد بينهما جرس كبير، فكان المظلوم يأتى ليلا فيحرك الجرس فيسمعه السلطان وينظر فى امره للحين وينصفه ” ..
كان لشمس الدين من الابناء اربعة لم يكونوا من ام واحدة ( ثلاثة ابناء وابنه وحيدة )، وهم ركن الدين فيروز ومعز الدين وناصر الدين ، ورضية .. التى كانت احب ابناء شمس الدين الى قلبه، والتى سماها كولية للعهد من بعده مما اغضب ابناءه، وعلى الاخص ركن الدين فيروز الذى كان يطمح فى الاستيلاء على السلطة بعد ابيه، مما جعله يحاول قتل رضية فى ما بعد .. هذا القرار ايضا قد لاقى رفضا واستغرابا من حاشية شمس الدين وامراءه وعلماء دلهى ( لكونها امرأة )، مما جعلهم يحاولون الضغط عليه لاقناعه بالعدول عن هذا القرار الغريب من وجهة نظرهم، فقال لهم سمش الدين ” اولادى جميعا غير قادرين على ادارة شئون البلاد من بعدى ، وابنتى رضية هى الجديرة بأن تحكم بعدى ) ..
رضية الدين والدنيا ..
نشأت رضية فى حضن ابيها طفلة مدللة بين اخوتها لما كانت تتمتع به من الذكاء والحكمة والمعرفة، فقد عهد ابوها بتربيتها وتعليمها الى فقهاء وعلماء دلهى، فحفظت القرآن الكريم والمت بالفقه الحنيف، بالاضافة الى تلقيها التدريبات العسكرية على فنون الحرب وحمل السلاح وركوب الخيل، حتى تفوقت على اخوتها علما وسياسة، الامر الذى جعل والدها يختارها ولية للعهد لا سيما انه اكبر اولاده ركن الدين فيروز كان فاسدا ومنشغلا بالملذات واللهو، وكان معروفا بالغلظة والتشدد ومكروها من اغلبيه الشعب .. وقد تسببت تسمية رضية ولية للعهد فى غضب شديد داخل اروقة القصر واسرة شمس الدين، خصوصا ان الابناء لم يكونوا من ام واحدة، مما ساهم فى تعقد الامور وازدياد حدة الغضب التى ساهم فيها مؤامرات الامهات من داخل جناح الحريم، الامر الذى تسبب فى مقتل معز الدين شقيق رضية، ومحاولة اغتيالها على يد ركن الدين فيروز لارهابها ..
وسط هذا المؤامرات والاحداث الدائرة فى قصر دلهى عام 633 توفى شمس الدين ايلتوميتش سلطان دلهى بعد حكم دام 26 عاما بعدما سمى رضية ولية للعهد، الامر الذى لم يلاقى القبول كما ذكرنا من قبل من حاشية القصر والامراء الذين انحازوا لركن الدين وبايعوه وتولى السلطة، وابتدأ حكمه بقتل اخو رضية معز الدين الذى حاول الانقلاب عليه مما تسبب فى مقتله كما يذكر ابن بطوطة ” ولما بويع ر كن الدين افتتح امره بالتعدى على اخيه معز الدين فتله وكانت رضية شقيقته فأنكرت عليه ذلك فحاول قتلها ” .. ولم تسكت رضية على هذا الامر، خصوصا بعدما عرفت نية ركن الدين فى التخلص منها و اسكاتها للابد فلجأت الى الشعب، ولجأت الى استخدام المنهج الذى وضعه والدها لانصاف المظلومين من الرعية فانتظرت حتى صلاة الجمعة وخروج ركن الدين الى المسجد للصلاة، وصعدت الى سطح القصر بثياب ملونة ليعرف الناس انها صاحبة مظلمة، واخذت تخطب فى الناس وتذكرهم بمآثر ابيها واحسانه الى شعبه، وما فعله ركن الدين بها وبقتله لمعز الدين والاستيلاء على السلطة وقالت لهم ان ركن الدين قتل اخى معز الدين ويريد ايضا قتلى ” ..
حركت كلمات رضية الغضب فى نفوص الشعب، ومست نوازع العدل فى وجدانهم مما ادى الى تحركهم السريع نحو المسجد الذى كان يصلى فيه ركن الدين صلاة الجمعة، وامسكوا به من وسط امراءه وحاشيته وقادوه الى رضية، وسألوها ماذا تريد ان تفعل به، فقالت القاتل يقتل .,.وقتل ركن الدين فيروز وانتقمت رضية لاخيها معز الدين، واتفق الامراء على تولية رضية الملك ، يقول ابن بطوطة ” ولم قتل ركن الين اجتمعت العساكر على تولية اخته رضية الملك ، فولوها ، واستقلت بالحكم اربع سنين ” خصوصا ان ناصر الدين اخيها الثالث كان صغيرا ..
ارتقت رضية عرش دلهى عام 624 واعلنت ولائها للخليفة العباسى المستنصر بالله، واختارت لنفسها لقبين الاول ( رضية الدنيا والدين )، واللقب الثانى هو ( بلقيس جاهان ) باعتبار ان بلقيس هو الاسم العربى لملكة سبأ وجاهان هو لقب النبالة، وسكت على النقود النقوش التى تظهر ولائها لخليفة بغداد ” فى عهد المستنصر بالله امير المؤمنين \ السلطانة الاعظم جلالة الدنيا والدين \ الملكة ايلتوميتش ابنه السلطان \ نصيرة امير المؤمنين ”
وكان اول ما فعلته رضية بعد توليها الحكم كما يحكى ابن بطوطة هو رفع الحجاب عن وجهها، وقد حكمت حكما مطلقا خلال 4 سنوات، وكانت تمتطى الحصان على طريقة الرجال ومسلحة بقوس وجبة ومحاطة بحاشيتها .. ويقال فى بعض المصادر الاخرى انها قصت شعرها على طريقة الرجال ولبست لبسهم، وكانت تتمشى فى الاسواق بلباس الرجال وتجلس بين الناس وتسمع شكاويهم .. وقد وفت السلطانة بكل مهامها السياسية تجاه الشعب الذى احبها وبادلها الوفاء .,, ولكن ..
كانت نهاية السلطانة رضية مأساوية وغريبة للغاية، وبأيدى نفس الشعب الذى رفعها الى السلطة واحبها عندما خانت تقاليدهم الاخلاقية وانتهكت اعرافهم ..
لم تكن السلطانة رضية متزوجة وكانت على علاقة بأحد مسئولى الاسطبلات، وهو العبد الحبشى جمال الدين ياقوت امير الخيول، وبدأ الناس فى الارتياب بالعلاقة بينهم لسرعة ترقية جمال الدين لدرجة انها سمته امير الامراء .. وبدأ الامراء المحيطين بها فى التجسس عليها لمعرفة مآل هذه العلاقة بين السلطانة وامير الخيول الحبشى، بعدما لاحظ الجميع استئناس رضية بجمال الدين وتساهلها معه، لدرجة انها تركته ذات مرة كما رأى من يتجسس عليها يرفعها من تحت ابطيها لتركب الفرس ، فاستغل الامراء المناوئون لها هذه الفرصة، ونشروا فى المدينة ان السلطانة انتهكت حرمة الاخلاق والدين، وسمحت لعبد بان يلمسها ويرفعها من تحت ابطيها لتركب الفرس ، وتحالفت السلطة الدينية مع الامراء ضدها ويقول ابن بطوطة ” واتفق الناس على خلعها وتزويجها ، فخلعت وزوجت من بعض اقاربها ” ..
تم خلع رضية من على عرش دلهى وتزويجها من احد اقاربها، وتولية اخيها الاصغر ناصر الدين عرش دلهى ، ولكن رضية لم تكن راضية عما حدث من عزلها عن العرش، واتفقت هى وزوجها وبعض المماليك ممن كانوا يدينون بالولاء لها على الخروج على ناصر الدين، واستعادة الحكم وخرج ناصر الدين بجيشه لملاقاتها فوقعت الهزيمة بجيش رضية، وقتل زوجها وهربت ..
لكن اثناء هروبها ارهقها الجوع والتعب بعد مدة، واتجهت الى فلاح كان مشغولا بحراثة ارضه فأعطاها قطعة من الخبز فأكلت ثم غلبها النوم ، وكانت رضية تلبس ثياب الرجال، وعندما نامت راقبها الفلاح ووجد تحت ثيابها قميصا مطرزا بالذهب واللآلئ ووجد انها امرأة، فقتلها وسلب ثيابها وطرد حصانها ودفنها فى الحقل الذى يملكه، ثم اخذ جزءا من ثيابها المطرزة وذهب الى السوق ليبيعه، ولكن التجار شكوا فى امره وقادوه الى الشرطة، حيث اعترف بجريمته وارشد الحراس الى المكان الذى دفنها فيها، فرفعوا الجثة وغسلوها وكفنوها، ووضعوها فى المكان نفسه، وبنوا عليه مصلى جنائزى ..
وعندما مر ابن بطوطة فى القرن الرابع عشر كان الشعب قد جعل منها قديسة يزار قبرها الذى يقع على ضفاف نهر كبير يسمى نهر الجون على مسافة قصيرة من دلهى من قبل الحجاج، وينظر اليه كمكان مقدس .

https://twitter.com/zoooska

Sunday, April 3, 2016

السنة والامام الشافعى واهل الحديث

لقد كان محور الخلاف الاساسى بين ( أهل الرأى ) و ( اهل الحديث )  متمثل فى مدى التمييز بين ما كان ملزما من اقوال النبى وأفعاله وإقراراته ، وبين ما كان منتمى الى مجال الوجود الاجتماعى لشخص النبى .. فقد اصر الفريق الاول على التمييز بينهما ، بينما اصر الفريق الثانى على التوحيد بينهم .. وقد كان للامام ( الشافعى ) الدور الكبير التاريخى ف حسم الخصومة لصالح اهل الحديث .. فبعد كتابة كتاب ( الرسالة ) تم توسيع مفهوم السنة ليشمل كل ( الاقوال والمواقف والافعال المأثورة عن النبى ) وتطبيقها على مختلف انماط السلوك .. وكان نتيجة ذلك ان تكرست السنة النبوية كأصل من اصول التشريع والفقه .. كما انه من العوامل الحاسمة التى جعلت السنة اصل من اصول التشريع تأكد المسلمون من ان ما فى النص القرآنى من احكام لا يفى بحاجات المجتمع الاسلامى المتنامية والمتغيرة ، فكانت هذه الاخبار المنسوبة الى النبى مصدر تشريعى ووسيلة لإضفاء الشرعية على الاحكام الجديدة .. 


- ولقد سعى ( الشافعى ) ومن بعد الاصوليون على تأكيد حجية السنة استنادا الى النص القرآنى بالتركيز على الايات المؤكدة لوجوب طاعة النبى مثل ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ) وغيرها من الايات المشابهة للمعنى ليقرر تبعا لذلك : وكل ما سن فقد الزمنا الله باتباعه ، وجعل فى اتباعه طاعته وفى العنود عن اتباعها معصيته التى لم يعذر بها خلقه .. 

- وبالاضافة الى ذلك سعى الشاقعى الى تاكيد حجية السنة عن طريق تأويل معنى ( الحكمة ) الواردة فى آيات عدة فى الكتاب الى مفهوم السنة النبوية بقوله :  فذكر الله الكتاب وهو القرآن ، وذكر الحكمة ، فسمعت من ارضى من اهل العلم بالقرآن يقول : الحكمة سنة رسول الله وذلك انها مقرونة مع كتاب الله ، وان الله افترض طاعة رسوله ، فلا يجور ان يقال لقول فرض الا لكتاب الله ثم سنة رسوله .. 

وسادت هذه النظرة فى الفكر الاسلامى ، وحاول الاصوليون من بعد الشافعى تدعيمها واعتبار اقوال النبى وافعاله احد مراتب الوحى الالهى ومنهم الامام ( ابن حزم الظاهرى ) الذى قال من خلال فهمه لآيه ( وما ينطق عن الهوى ) : فصح بذك ان الوحى ينقسم من الله عز وجل الى رسوله على قسمين :
- احدهما متلو مألف تأليف معجز النظام وهو القرآن .
 - والثانى وحى مروى منقول غير مألف ولا معجز النظام ولا متلو ولكنه مقروء وهو الخبر الوارد عن رسول الله .
وهو ما احالنا بالطبيعة الى مستند اخر من اعتمده المدافعون عن حجية السنة وهى مسألة ( عصمة النبى ) والتى تعتبر من المسائل الخلافية ..

وبناء على ذلك انقسمت اراء المسلمين فى هذا المجال الى قسمين : 
- قسم اول يسعى الى تنزيه النبى عن الخطأ وتأكيد مبدأ العصمة وبذلك تصبح كل افعاله واقواله وكل ما روى عنه ملزما ، لارتقاء الخبر عنه الى منزلة الوحى >> وادى هذا التصور الى ظهور علوم الحديث المشابهة لعلوم القرآن مثل ( ناسخ الحديث ومنسوخه - علم اسباب ورود الحديث - علم غريب الحديث - علم مختلف الحديث ) >> وه ما يهدف فى النهاية الى ادراج كل ما روى عن النبى فى دائرة الالزام سواء فى الامور التعبدية او العقائدية او السلوكية الحياتية ..
-قسم ثانى لا يطلق صفة العصمة على النبى ، بل يقصرها على تبليغه للوحى ، اما تصرفات النبى اليومية فهى لا تكسب صبغة الزامية ، لذلك فإمكانية خطأ النبى ف الامور الدنيوية وارد ، وهم يستدلون على هذه النظرية الى النص القرآنى وبعض الاحدايث النبوية التى تؤكد موقف النبى من الشماغل الدنيوية الى اعتبر النبى ان الناس ادرى بها منه .. 

** والجدير بالملاحظة اننا نقف على مرويات للنبى ينهى فيها عن كتابة الحديث ومن بينها حديث ابى سعيد الخدرى ان النبى قال : لا تكتبوا عنى ، ومن كتب عنى غير القرآن فليمحه ( مسلم ) وغيره من الاحاديث التى تنهى عن تدوين الاخبار .. وقد حرص شراح الحديث على تجنب المعنى الظاهر لهذه الاحاديث وتأويلها ومن ذلك ما ذكره النووى : قيل ان حديث النهى منسوخ ، وكان النهى حين خيف اختلاطه بالقرآن فلما امن ذلك امر بالكتابة ، وقيل انما نهى عن كتاب الحديث مع القرآن فى صحيفة واحدة لئلا يختلط .. 


** ان الحديث لم يكتسب مكانته التشريعية الا بعد تدوينه ، وهذا التدوين كان استجابة لحاجة المسلمين لايجاد مستند لما يستنبطونه من احكام ، وهو امر يحتاج الى المكتوب لا الشفهى  ، ولعل ذلك من الاسباب التى جعلت مجاميع الحديث مرتبة حسب الابواب الفقهية 

- كما الح الاصوليون والمحدثون فى اطار دفاعهم عن حجية السنة على عدالة الرواة وهو ما كان ردا على الطعون الكثيرة التى شككت فى المرويات عن النبى ، وقد بدت بعض هذه الطعون منطقية الى حد كبير منها ما نقله الفخر الرازى عن احد المخالفين فقال : " قالوا : إنا نحكم بالضرورة ان الرسول متى كان يشرع بالكلام فالصحابة ما كانوا يكتبون كلامه من اوله الى اخره لفظا .. وانما كانوا يسمعونه ثم يخرجون من عنده ، وربما رووا ذلك الكلام بعد ثلاثين سنة .. ومن المعلوم ان العلماء الذين تعودوا تلقف الكلام ومارسوه وتمرنوا عليه لو سمعوا كلاما قليلا مرة واحدة فأرادوا اعادته فى تلك الساعة بتلك الالفاظ من غير تقديم ولا تأخير لعجزوا عنه ، فكيف بالكلام الطويل بعد المدة المتطاولة من غير تكرار ولا كتابة " ...

وقد سجل الخوارج ثلاث من مظاهر اضطراب الموقف السنى من الحديث النبى وهى : 
1-قبول خبر الواحد والعمل به من مناقضته للكتاب ( مثال ذلك حد الرجم الذى ليس له اساس فى النص القرآنى فحد الزنا ف القرآن هو الجلد  ) لكن يتم الاعتماد على احاديث آحاد لتقرير حد الرجم على الزانى 
2- إقرار السنة بنهى النبى عن مزاحمة اى نص اخر للنص القرآنى ومع ذلك فإن معاملتهم للحديث تدل على انهم يوازونه بالقرآن 
3- أقرار اهل السنة بوجوب تطابق الحديث والقرآن ومع ذلك قبولهم لاخبار تشرع لامور لم ترد فى القرآن 

** ان الطعون التى وجهت الى الحديث النبوى وكذلك الموقف السنى المضطرب كانت من الاسباب الهامة التى جعلت الاصوليون يفردون ابوابا خاصة للدفاع عن حجية الحديث التشريعية والتأليف فى علم مختلف الحديث للتوفيق بين الروايات التى ( تلقتها الامة بالقبول ) ودرء تعارضها مع النص القرآنى ، او مع الاراء الفقهية والكلامية لدى اهل السنة .. كما كانت الطعون التى وجهت الى الصحابة سببا فى التأكيد على عدالتهم وفق مبدأ عدالة الصحابة ، ومحاولة تصنيف الاحاديث وفق سلاسل الاسناد وهذا التصنيف انتج ( علوم الحديث ) ..

وبالاضافة الى ذلك ضبطت العلاقة بين المرويات والنص القرآنى على ثلاثة مستويات :
1- علاقة تفسيرية ( وبها يكون الحديث مبينا لما جاء مجملا من القرآن ) 
2- انفراد الحديث بالتشريع ، فينص على حكم معين يجب الالتزام به 
3- علاقة قائمة على النسخ ( حيث ينسخ القرآن الحديث والعكس ) 

** والجدير بالذكر ان المسلمين قد اعتبروا فى كثير من الاحيان  ان السنة لها دور اكبر من القرآن سواء فى العقائد او فى الفقه وهو ما توضحه اقوال من قبيل : 
" عن يحيى بن ابى كثير قال : السنة قاضية على الكتاب وليس الكتاب بقاض على السنة " مع رفض الشافعى لذلك ولكن تم قبوله من الاصوليون 
" عن مكحول قال : القرآن احوج الى السنة من السنة الى القرآن " وهو ما قاله ايضا البربهارى الحنبلى وله نفس المعنى 
**ويبقى ما قاله الحسين بن اسماعيل وهو من الحنابلة دليلا على اقتران تضخم مجاميع الحديث بالفقه : " قيل لاحمد بن حنبل : كم يكتب الرجل من حديث حتى يمكنه ان يفتى ؟ مائة الف ؟ قال : لا .. قيل : ثلاثمائة الف ؟ قال : لا .. قيل خمسمائة الف ؟ قال : ارجو .." 

واخيرا تجدر الاشارة الى ان مجاميع الحديث التى تزايد عددها خاصة فى القرن الثالث من الهجرة لم تقتصر على نسبة اقوال وافعال الى الرسول بل اقحمت فيها اقوال جملة من الصحابة وافعالهم مضيفة عليها كذلك صبغة معيارية مماثلة لمعيار سلوك الرسول ..